غزوة تبوك
+13
وسام خريسات
abd allh
2MtLkNy 7ObK
امير الاحزان
master ghost
محمد حماقى
سنشي كودو
قاتل الأسود
khalid-net
a v a t a r
enzoiliasse
khalil Ahmed
عينيا دوت كوم
17 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
غزوة تبوك
لم يكون فتح مكة وما حولها والنشاط العسكري في الجنوب صادا للنبي صلى الله
عليه و سلم عن التفكير في مناطق الشمال والخطر الذي يتهدد الدعوة من ناحية
الروم فإن الروم كانوا يبيتون نية الشر والعداء للإسلام , وكانت انتصارات
المسلمين المتلاحقة وتوطيد سلطانهم في الجزيرة العرب حافز لإمبراطور الروم (
هرقل ) على أن يعد العدة لضرب الإسلام ضربة تجهز علية وتمنعه من الوصول
إلى العرب الخاضعين لنفوذهم شمال شبة الجزيرة وترامت إلى النبي صلى الله
عليه و سلم في المدينة أنباء هذه المؤامرة الحاقدة أن الإمبراطور الروماني
هرقل سلح جميع القبائل التابعة له على الحدود الشام مثل لخم وجذام وعاملة
وغسان تسليحا كاملا ورزقهم لمدة سنة وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء ولما بلغ
الرسول خبر هذا التأهب لم يجد بدا من استنفار المسلمين لملاقاة هذا العدوان
المبيت والخروج لمواجهتهم في عقر دارهم ووجد الرسول صلى الله عليه و سلم
أن هذه الحملة فرصة لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويرسى العلائق بين الإسلام
والنصرانية على دعائم مكينة مبناها إتاحة الفرصة لعرض الإسلام على الناس
عرضا حرا قائما على الإقناع والدعوة الحسنة فإن راقهم دخلوه وإن ساءهم
تركوه, بعيدا عن إرهاب الكنيسة ومقاومتها الباطشة لكل من اعتنق دينا يخالف
دين المسيحية كذلك أراد الرسول أن يفهم الرومان قوة المسلمين الجديدة وأن
يعطهم درسا في احترامهم والنظر إليهم بعين الهيبة والتقدير وأنهم ليسوا
لقمة سائغة كما يظنون وإلا لما خرج المسلمون بجيوشهم لملاقاة الرومان
متحدين غير عابئين بعددهم أو عدتهم وكان خروج رسول الله صلى الله عليه و
سلم بهذا الجيش في شهر رجب سنة تسع من الهجرة , وجاء إعداد جيش تبوك في وقت
حر شديد حتى كان المسلمين ينحرون البعير فيتشربون ما في كرشة من الماء ,
وكذلك في زمان من عسرة الناس وجدب البلاد , وحين أوشكت الثمار أن تنضج
والقوم يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الخروج للغزو في ظل هذه
الظروف ولكل هذه الظروف التي اكتنفت إعداد هذا الجيش سمي ( جيش العسرة ) أي
الشدة والضيق لأنه هناك عسرة في الماء وفى الظهر وفى النفقة والآيات التي
أنزلها الله في كتابه هي أطول ما نزل في قتال بين المسلمين وعدوهم وقد أعلم
الرسول صلى الله عليه و سلم المسلمين بهدف هذه الغزوة على خلاف عادته في
كثير من الغزوات السابقة ليتأهبوا ويستعدوا فالقتال مع الروم هو صدام بأعظم
قوة وأكبر دولة في العصر , هذا بالإضافة إلى ما ذكرناه من صعاب اكتنفت هذه
الغزوة ولهذا كانت هذه الغزوة مقياسا صادقا ومناسبة مواتية لكشف النوايا
وإظهار النفوس وإبراز المواقف على حقيقتها دون ما غش أو خداع
فقد تعلل المنافقون من المسلمين بعلل شتى وظهر خلال التجهيز والاستعداد
نماذج من النفاق كشفها الله لرسوله وفضح نواياها – فها هو الجد بن قيس
يخاطبه الرسول قائلاً : يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر ( الروم )
فقال : يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي ما من رجل
بأشد عجبا بالنساء منى وأنى لأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر
فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : قد أذنت لك وفية نزل{
وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }
سورة التوبة – آية 49 وكره آخرون الخروج مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
خوفا من العدو وفرار من الحر الشديد و في ذلك يقول الله تعالى :{ فَرِحَ
الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن
يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ
لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ
كَانُوا يَفْقَهُونَ } سورة التوبة – آية81
أما أهل الإيمان الثابت والعقيدة القوية من أهل اليسار والغنى فقد تسابقوا
في البذل والإنفاق في إعداد هذا الجيش فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنة
أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها حتى دعا له رسول الله صلى الله عليه و
سلم قائلاً : اللهم أرضى عن عثمان فإني عنه راض وجاء أبو بكر الصديق بكل
ماله فقال الرسول : هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ,
وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله , وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقيه وجاء
غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليقدم كل واحد منهم بمقدار ثرائه
وغناه
وكان هناك آخرون غيرهم من أهل الإيمان الصادق ولكنهم فقراء لا يملكون شيئا
من الزاد والراحلة جاءوا للرسول يطلبون إليه أن يحملهم معه ليجاهدوا بالنفس
بعد أن عز عليهم جهادهم بالمال فاعتذر لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
لعدم وجود ما يحملهم عليه فاشتد حزنهم على ذلك ولكن الله أسقط عنهم الحرج
بقوله تعالى :{ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ
قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ
تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }سورة
التوبة -92
وكان هناك أيضا هؤلاء الذين فترت أول الأمر هممهم فلما جد الجد وانطلق
الجيش سرعان ما عادوا إلى صوابهم وراجعوا أنفسهم وخافوا عاقبة النكوص
والتخلف عن رسول الله ومن هؤلاء أبو خيثمة عاد يوما إلى أهله بعد مسير
النبي وصحبه وذلك في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين قد رشت كل واحدة
منهما عريشها وبردت له فيه ماء و هيأت له فيه طعام فلما دخل قام على باب
العريش فنظر الى امرأتيه وما صنعتا له فاستيقظ ضمير الرجل وقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم في الشمس والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام
مهيأ وامرأة حسناء ؟ في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل عريش
واحد منكما حتى الحق برسول الله صلى الله عليه و سلم فهيئا لي زادا ففعلتا
ثم ارتحل في طلب رسول الله حتى أدركه حين نزل بتبوك فقال له رسول الله
خيرا ودعا له بخير وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في رجب سنة تسع وعلى
الرغم من كثرة المعتذرين والمتخلفين فقد بلغ تعداد الجيش أكثر من ثلاثين
ألفا ولذا كان أكبر جيش خرج به الرسول في غزوة
وخلف الرسول على أهله على بن أبى طالب وقال به حين شكا إليه إرجاف
المنافقين : أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
ليس نبي بعدى فرجع على إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم في
سفرة ونزل رسول الله صلى الله عليه و سلم بـ ” الحجر ” وهى ديار ثمود
فأخبرهم الرسول أنها ديار المعتدين وقال صلى الله عليه و سلم : لا تدخلوا
بيوت الذين ظلموا أنفسهم إلا وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم ما أصابهم ، وقال
: لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين
عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه
صاحب له وواصل الرسول سيرة متحملا مشقة السفر وقلة الزاد والماء والرواحل
صابرا على إرجاف المنافقين وتشكيكهم حتى لقد قالوا للمسلمين أتحسبون جلاء
بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال
حتى وصل به المطاف إلى ” تبوك ” على حدود الإمبراطورية الرومانية فأناخ
الجيش رواحله وعسكر فيها ينتظرون عندها ملاقاة الأعداء ويبدو أن الروم لما
بلغهم أمر جيش المسلمين وقوته وما عرفوه عن المسلمين في مؤتة من البسالة
والإقدام آثروا الانسحاب من تبوك إلى داخل بلاد الشام للاحتماء بحصونها فلم
يجد المسلمون أثراً لهم وقد أدى انسحاب الروم وبقاء المسلمين في تبوك بضع
عشرة ليلة أو عشرين ليلة يتحدون فيها قوات الروم إلى توافد كثير من القبائل
المسيحية الواقعة حول خليج العقبة لمصالحة الرسول والارتباط معه بمعاهدة
صداقه وقد أتى يوحنا رؤبه صاحب أيله فصالح الرسول صلى الله عليه و سلم
وأعطاه الدية ، وأتاه أهل ” جرباء ” و ” اذرح ” بلدين بالشام فصالحا الرسول
على الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم كتاب أمن كما بعث رسول
الله صلى الله عليه و سلم سرية بقيادة خالد بن الوليد إلى اكيدر بن عبد
الملك أمير دومة الجندل فأسره خالد وبعث به إلى رسول الله فحقن له دمه
وصالحه على الجزية وخلى سبيله وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى الله عليه و
سلم ولما عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة بدأ بالمسجد فصلى
فيه ركعتين ثم جلس للناس فجاء المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له ليرضى
عنهم وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله علانيتهم وبايعهم
واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله إلا أن الله الذي علم سوء نيتهم لم يقبل
عذرهم ولم يرضى عنهم وأخبر رسوله ” بأنهم منافقون ” لكن ثلاثة من هؤلاء
المتخلفين هم كعب بن مالك مرارة ابن الربيع وهلال بن أمية كانوا من
السابقين الأولين ولهم حسن بلاء في الإسلام وقد تخلفوا من غير شك ولا نفاق
بل كان تخلفهم إيثاراً وللراحة وفراراً من شدة الحر وزلة وقعوا فيها لحظة
من لحظات الضعف الإنساني ولم يحلفوا كذبا ولم ينافقوا كما فعل غيرهم بل
ندموا على ما فعلوا وصدقوا رسول الله ، وشهدوا على أنفسهم فاعتزلهم رسول
الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون وقاطعوهم خمسين ليلة وكذلك فعل أزواجهن
، ولما تم ما أرداه الله من تمحيص هؤلاء الثلاثة وتعليم المسلمين هذا
الدرس الخالد في عدم التردد والضعف أمام تبعات الجهاد و دواعي الكفاح أنزل
الله توبتهم فقال تعالى: { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ
حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ
إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } – سورة التوبة آية 118
عليه و سلم عن التفكير في مناطق الشمال والخطر الذي يتهدد الدعوة من ناحية
الروم فإن الروم كانوا يبيتون نية الشر والعداء للإسلام , وكانت انتصارات
المسلمين المتلاحقة وتوطيد سلطانهم في الجزيرة العرب حافز لإمبراطور الروم (
هرقل ) على أن يعد العدة لضرب الإسلام ضربة تجهز علية وتمنعه من الوصول
إلى العرب الخاضعين لنفوذهم شمال شبة الجزيرة وترامت إلى النبي صلى الله
عليه و سلم في المدينة أنباء هذه المؤامرة الحاقدة أن الإمبراطور الروماني
هرقل سلح جميع القبائل التابعة له على الحدود الشام مثل لخم وجذام وعاملة
وغسان تسليحا كاملا ورزقهم لمدة سنة وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء ولما بلغ
الرسول خبر هذا التأهب لم يجد بدا من استنفار المسلمين لملاقاة هذا العدوان
المبيت والخروج لمواجهتهم في عقر دارهم ووجد الرسول صلى الله عليه و سلم
أن هذه الحملة فرصة لكي يعيد الأمور إلى نصابها ويرسى العلائق بين الإسلام
والنصرانية على دعائم مكينة مبناها إتاحة الفرصة لعرض الإسلام على الناس
عرضا حرا قائما على الإقناع والدعوة الحسنة فإن راقهم دخلوه وإن ساءهم
تركوه, بعيدا عن إرهاب الكنيسة ومقاومتها الباطشة لكل من اعتنق دينا يخالف
دين المسيحية كذلك أراد الرسول أن يفهم الرومان قوة المسلمين الجديدة وأن
يعطهم درسا في احترامهم والنظر إليهم بعين الهيبة والتقدير وأنهم ليسوا
لقمة سائغة كما يظنون وإلا لما خرج المسلمون بجيوشهم لملاقاة الرومان
متحدين غير عابئين بعددهم أو عدتهم وكان خروج رسول الله صلى الله عليه و
سلم بهذا الجيش في شهر رجب سنة تسع من الهجرة , وجاء إعداد جيش تبوك في وقت
حر شديد حتى كان المسلمين ينحرون البعير فيتشربون ما في كرشة من الماء ,
وكذلك في زمان من عسرة الناس وجدب البلاد , وحين أوشكت الثمار أن تنضج
والقوم يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الخروج للغزو في ظل هذه
الظروف ولكل هذه الظروف التي اكتنفت إعداد هذا الجيش سمي ( جيش العسرة ) أي
الشدة والضيق لأنه هناك عسرة في الماء وفى الظهر وفى النفقة والآيات التي
أنزلها الله في كتابه هي أطول ما نزل في قتال بين المسلمين وعدوهم وقد أعلم
الرسول صلى الله عليه و سلم المسلمين بهدف هذه الغزوة على خلاف عادته في
كثير من الغزوات السابقة ليتأهبوا ويستعدوا فالقتال مع الروم هو صدام بأعظم
قوة وأكبر دولة في العصر , هذا بالإضافة إلى ما ذكرناه من صعاب اكتنفت هذه
الغزوة ولهذا كانت هذه الغزوة مقياسا صادقا ومناسبة مواتية لكشف النوايا
وإظهار النفوس وإبراز المواقف على حقيقتها دون ما غش أو خداع
فقد تعلل المنافقون من المسلمين بعلل شتى وظهر خلال التجهيز والاستعداد
نماذج من النفاق كشفها الله لرسوله وفضح نواياها – فها هو الجد بن قيس
يخاطبه الرسول قائلاً : يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر ( الروم )
فقال : يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي ما من رجل
بأشد عجبا بالنساء منى وأنى لأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر
فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : قد أذنت لك وفية نزل{
وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }
سورة التوبة – آية 49 وكره آخرون الخروج مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
خوفا من العدو وفرار من الحر الشديد و في ذلك يقول الله تعالى :{ فَرِحَ
الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن
يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ
لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ
كَانُوا يَفْقَهُونَ } سورة التوبة – آية81
أما أهل الإيمان الثابت والعقيدة القوية من أهل اليسار والغنى فقد تسابقوا
في البذل والإنفاق في إعداد هذا الجيش فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنة
أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها حتى دعا له رسول الله صلى الله عليه و
سلم قائلاً : اللهم أرضى عن عثمان فإني عنه راض وجاء أبو بكر الصديق بكل
ماله فقال الرسول : هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ,
وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله , وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقيه وجاء
غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ليقدم كل واحد منهم بمقدار ثرائه
وغناه
وكان هناك آخرون غيرهم من أهل الإيمان الصادق ولكنهم فقراء لا يملكون شيئا
من الزاد والراحلة جاءوا للرسول يطلبون إليه أن يحملهم معه ليجاهدوا بالنفس
بعد أن عز عليهم جهادهم بالمال فاعتذر لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
لعدم وجود ما يحملهم عليه فاشتد حزنهم على ذلك ولكن الله أسقط عنهم الحرج
بقوله تعالى :{ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ
قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ
تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }سورة
التوبة -92
وكان هناك أيضا هؤلاء الذين فترت أول الأمر هممهم فلما جد الجد وانطلق
الجيش سرعان ما عادوا إلى صوابهم وراجعوا أنفسهم وخافوا عاقبة النكوص
والتخلف عن رسول الله ومن هؤلاء أبو خيثمة عاد يوما إلى أهله بعد مسير
النبي وصحبه وذلك في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين قد رشت كل واحدة
منهما عريشها وبردت له فيه ماء و هيأت له فيه طعام فلما دخل قام على باب
العريش فنظر الى امرأتيه وما صنعتا له فاستيقظ ضمير الرجل وقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم في الشمس والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام
مهيأ وامرأة حسناء ؟ في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل عريش
واحد منكما حتى الحق برسول الله صلى الله عليه و سلم فهيئا لي زادا ففعلتا
ثم ارتحل في طلب رسول الله حتى أدركه حين نزل بتبوك فقال له رسول الله
خيرا ودعا له بخير وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في رجب سنة تسع وعلى
الرغم من كثرة المعتذرين والمتخلفين فقد بلغ تعداد الجيش أكثر من ثلاثين
ألفا ولذا كان أكبر جيش خرج به الرسول في غزوة
وخلف الرسول على أهله على بن أبى طالب وقال به حين شكا إليه إرجاف
المنافقين : أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
ليس نبي بعدى فرجع على إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم في
سفرة ونزل رسول الله صلى الله عليه و سلم بـ ” الحجر ” وهى ديار ثمود
فأخبرهم الرسول أنها ديار المعتدين وقال صلى الله عليه و سلم : لا تدخلوا
بيوت الذين ظلموا أنفسهم إلا وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم ما أصابهم ، وقال
: لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين
عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه
صاحب له وواصل الرسول سيرة متحملا مشقة السفر وقلة الزاد والماء والرواحل
صابرا على إرجاف المنافقين وتشكيكهم حتى لقد قالوا للمسلمين أتحسبون جلاء
بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال
حتى وصل به المطاف إلى ” تبوك ” على حدود الإمبراطورية الرومانية فأناخ
الجيش رواحله وعسكر فيها ينتظرون عندها ملاقاة الأعداء ويبدو أن الروم لما
بلغهم أمر جيش المسلمين وقوته وما عرفوه عن المسلمين في مؤتة من البسالة
والإقدام آثروا الانسحاب من تبوك إلى داخل بلاد الشام للاحتماء بحصونها فلم
يجد المسلمون أثراً لهم وقد أدى انسحاب الروم وبقاء المسلمين في تبوك بضع
عشرة ليلة أو عشرين ليلة يتحدون فيها قوات الروم إلى توافد كثير من القبائل
المسيحية الواقعة حول خليج العقبة لمصالحة الرسول والارتباط معه بمعاهدة
صداقه وقد أتى يوحنا رؤبه صاحب أيله فصالح الرسول صلى الله عليه و سلم
وأعطاه الدية ، وأتاه أهل ” جرباء ” و ” اذرح ” بلدين بالشام فصالحا الرسول
على الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم كتاب أمن كما بعث رسول
الله صلى الله عليه و سلم سرية بقيادة خالد بن الوليد إلى اكيدر بن عبد
الملك أمير دومة الجندل فأسره خالد وبعث به إلى رسول الله فحقن له دمه
وصالحه على الجزية وخلى سبيله وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى الله عليه و
سلم ولما عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة بدأ بالمسجد فصلى
فيه ركعتين ثم جلس للناس فجاء المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له ليرضى
عنهم وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله علانيتهم وبايعهم
واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله إلا أن الله الذي علم سوء نيتهم لم يقبل
عذرهم ولم يرضى عنهم وأخبر رسوله ” بأنهم منافقون ” لكن ثلاثة من هؤلاء
المتخلفين هم كعب بن مالك مرارة ابن الربيع وهلال بن أمية كانوا من
السابقين الأولين ولهم حسن بلاء في الإسلام وقد تخلفوا من غير شك ولا نفاق
بل كان تخلفهم إيثاراً وللراحة وفراراً من شدة الحر وزلة وقعوا فيها لحظة
من لحظات الضعف الإنساني ولم يحلفوا كذبا ولم ينافقوا كما فعل غيرهم بل
ندموا على ما فعلوا وصدقوا رسول الله ، وشهدوا على أنفسهم فاعتزلهم رسول
الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون وقاطعوهم خمسين ليلة وكذلك فعل أزواجهن
، ولما تم ما أرداه الله من تمحيص هؤلاء الثلاثة وتعليم المسلمين هذا
الدرس الخالد في عدم التردد والضعف أمام تبعات الجهاد و دواعي الكفاح أنزل
الله توبتهم فقال تعالى: { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ
حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ
إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } – سورة التوبة آية 118
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
اشكرك على الموضوع
بانتظار المزيد
تقبل مروري
بانتظار المزيد
تقبل مروري
khalil Ahmed- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 5720
التقييم : 0
العمر : 28
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لمواضيع الممتازة واصلي ابداعتك وان شاء الله تصبحين تشجع قلمك على الابداع وليس النقل فقط
رد: غزوة تبوك
شكرا لمروركم الكريم
تقبلوا فائق تحياتي
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا [على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
المجهودات الرائعة
a v a t a r- عضو سوبر
- عدد المساهمات : 5087
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لمرورك الكريم
تقبل فائق تحياتي
تقبل فائق تحياتي
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
جزاك الله خير
khalid-net- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 4309
التقييم : 1
العمر : 29
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
اسعدني مرورك اخي
تقبل فائق تحياتي
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
العفو اختى
khalil Ahmed- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 5720
التقييم : 0
العمر : 28
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لمروركم جميعا
لكم ودي وتقديري
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا [على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
المجهودات الرائعة
a v a t a r- عضو سوبر
- عدد المساهمات : 5087
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
جزاك الله خيرا
سنشي كودو- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1185
التقييم : 0
العمر : 34
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لك اخي
واصل ابداعك
جزاك الله كل خير
يعطيك العافية
♥♥♥
واصل ابداعك
جزاك الله كل خير
يعطيك العافية
♥♥♥
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لك اخي
واصل ابداعك
جزاك الله كل خير
يعطيك العافية
♥♥♥
واصل ابداعك
جزاك الله كل خير
يعطيك العافية
♥♥♥
abd allh- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 464
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
شكرا لمروركم الكريم
اسعدني تشريفك للموضوع
تحياتي الخالصة
عينيا دوت كوم- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 17395
التقييم : 2
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
جزاك الله خيرا
AmEr-Dz- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 6639
التقييم : 4
العمر : 29
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
جزاك الله خير
اسير الماضي- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 8888
التقييم : 4
العمر : 29
احترام قوانين المنتدى :
رد: غزوة تبوك
يعطيك العآفيه يا الغلا
طرح بقمة الذوووق والرووعهـ
تسلم يدك ع الطرح المميز لاعدمنـآك ,...
بانتظارجديدك بكل شوق ودي وشذى وردي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى