هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
+9
KoNtRoL
maher
23DaaM
MoSaB jOo
ѕαα∂ ∂єѕιgη
كابتن هيـرو
وسام للكومبيوتر
Mr.AbDo
امير الاحزان
13 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
السؤال:
وفقاً لما جاء في القرآن الكريم فإن كل إنسان سيحشر يوم القيامة ويُحاسب
على ما كان منه ، والنبي صلى الله عليه وسلم سيكون شافعاً للخلائق في ذلك
اليوم .
وأريد أن أعرف ما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم سيحاسب أيضاً في ذلك
اليوم أم إنه معفيٌّ من الحساب كما يقول البعض ؟ .
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا كان صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم أكثر
من سبعين مرة ؟
لقد قرأت فتاوى على موقعكم بهذا الخصوص ولكني لم أجد إجابة وافية تناسب
تساؤلاتي ، فأرجو الإجابة عن أسئلتي هذه تحديداً ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحساب يوم القيامة يشمل الخلق كلَّهم بمن فيهم الأنبياء
والمرسلين ، وقد استدلوا بالعمومات الواردة في القرآن ، كمثل قوله تعالى (
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين)
الأعراف/ 6 ، وقوله تعالى ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ) الحِجر/ 92 ، 93 ، وممن قال بهذا : الفخر الرازي في تفسيره ،
حيث قال – في تفسير الآية الأولى - :
"الذين أرسِل إليهم هم الأمة ، والمرسلون هم الرسل ، فبيَّن تعالى أنه يسأل هذين
الفريقين ، ونظير هذه الآية قوله ( فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الحِجر/ 92 ".
ثم قال :
"الآية تدل على أنه تعالى يحاسِب كل عباده لأنهم لا يخرجون عن أن يكونوا رسلاً أو
مرسَلاً إليهم ، ويبطل قول من يزعم أنه لا حساب على الأنبياء والكفار" .انتهى من"
تفسير الرازي " ( 14 / 20 ، 21 ) .
وقد ذهب جماهير العلماء إلى أن الأنبياء والمرسلين لا يُحاسبون يوم القيامة ، وأنهم
إذا كانوا لا يُسألون في قبورهم فهو يعني أنه لا حساب عليهم ، وأنهم أولى ممن يدخل
الجنة من غير حساب ، من المسلمين .
وأما ما ورد من عمومات فهي إما للكفار ، أو أنهم سيُسألون عن أقوامهم هل بلغوهم
رسالة الله تعالى أم لا ، وليس هذا سؤال توبيخ وتقريع ، بل هو لإقامة الحجة على من
خالفهم .
1. قال القرطبي – رحمه الله - :
"قوله تعالى ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ) دليل على أن الكفار
يحاسَبون ، وفي التنزيل ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) الغاشية/ 26 ، وفي
سورة القصص ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) القصص/ 78 يعني :
إذا استقروا في العذاب ، والآخرة مواطن : موطن يُسألون فيه للحساب ، وموطن لا
يُسألون فيه ، وسؤالهم تقرير وتوبيخ وإفضاح ، وسؤال الرسل سؤال استشهاد بهم وإفصاح
، أي : عن جواب القوم لهم ، وهو معنى قوله ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ
صِدْقِهِمْ ) الأحزاب/ 8 ".انتهى من" تفسير القرطبي " ( 7 / 164 ) .
2. وقال ابن كثير – رحمه الله - :
"وقوله ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ) الآية ، كقوله تعالى (
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) القصص/ 65 ،
وقوله ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا
عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ ) المائدة/ 109 ، فالرَّبُّ تبارك
وتعالى يوم القيامة يسأل الأمم عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ، ويسأل الرسل أيضا
عن إبلاغ رسالاته ، ولهذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية (
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ )
قال : يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين ، ويسأل المرسَلين عمَّا بلَّغوا"
.انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 3 / 388 ) .
ثانياً:
صحَّ في الأخبار أن رسول الله كان يستغفر الله كثيراً ، ومن ذلك :
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (
وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ
مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) . رواه البخاري ( 6307 ) .
وعَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ ( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِى وَإِنِّى
لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) . رواه مسلم ( 2702 ) .
ومن المعلوم المتفق عليه : أن الله تعالى قد غفر للنبي
صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنوبه وما تأخر ، قال تعالى ( لِيَغْفِرَ لَكَ
اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) الفتح/ 2 .
غير أن وعد ضمان الله لنبيه مغفرة ذنوبه جميعا ، ما تقدم منها وما تأخر، لا يمنع أن
يعمل النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات ما يكون في نفسه سببا لهذه المغفرة التي
قدرها الله له ، ووعده بها ، فإن الله تعالى إذا قدر الشي قدر له أسبابه الموصلة
إليه ، والاستغفار من أعظم أسباب المغفرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فصل
فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي قَالَ فِي
آخِره عَن الله تَعَالَى {قد غفر لعبدي فليعمل مَا شَاءَ}
هَذَا الحَدِيث لم يَجعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاما فِي كل دنب ، من
كل من أذْنب وَتَابَ وَعَاد ، وَإِنَّمَا ذكره حِكَايَة حَالٍ عَن عبد كَانَ مِنْهُ
ذَلِك ، فَأفَاد أَن العَبْد قد يعْمل من الْحَسَنَات الْعَظِيمَة مَا يُوجب غفران
مَا تَأَخّر من ذنُوبه ، وَإِن غفر لَهُ بِأَسْبَاب أخر .
وَهَذَا مثل حَدِيث حَاطِب بن أبي بلتعة رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ لعمر
: ( وَمَا يدْريك أَن الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد
غفرت لكم ) وَمَا جَاءَ من أَن غُلَام حَاطِب شكاه فَقَالَ : وَالله يَا رَسُول
الله ليدخلن حَاطِب النَّار !! فَقَالَ : ( كذبت ، إِنَّه قد شهد بَدْرًا
وَالْحُدَيْبِيَة ) ؛ فَفِي هَذِه الْأَحَادِيث بَيَان أَن الْمُؤمن قد يعْمل من
الْحَسَنَات مَا يغْفر لَهُ بهَا مَا تَأَخّر من ذَنبه ، وَإِن غفر بِأَسْبَاب
غَيرهَا ، وَيدل عَلى أَنه يَمُوت مُؤمنا ، وَيكون من أهل الْجنَّة ، وَإِذا وَقع
مِنْهُ ذَنْب يَتُوب الله عَلَيْهِ ، كَمَا تَابَ على بعض الْبَدْرِيِّينَ كقدامة
بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ لما شرب الْخمر متأولا واستتابه عمر وَأَصْحَابه
رَضِي الله عَنهُ وجلدوه ، وطهر بِالْحَدِّ وَالتَّوْبَة ، وَإِن كَانَ مِمَّن قيل
لَهُ : ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُم ) .
ومغفرة الله لعَبْدِهِ لاتنافى أَن تكون الْمَغْفِرَة بأسبابها، وَلَا تمنع أَن
تصدر مِنْهُ تَوْبَة ، إِذ مغْفرَة الله لعَبْدِهِ مقتضاها أَن لَا يعذبه بعد
الْمَوْت ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ ، فَإِذا
علم من العَبْد أَنه يَتُوب أَو يعْمل حَسَنَات ماحية غفر لَهُ فِي نفس الْأَمر ،
إِذْ لَا فرق بَين من يحكم لَهُ بالمغفرة أَو بِدُخُول الْجنَّة ؛ وَمَعْلُوم أَن
بشارته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ إِنَّمَا هِيَ لعلمه بِمَا يَمُوت عليه
المبشر ، وَلَا يمْنَع أَن يعْمل سَببهَا .
وَعلم الله بالأشياء وآثارها لَا ينافى مَا علقها عَلَيْهِ من الْأَسْبَاب ، كَمَا
أخبر أَن : ( مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار
) ، وَمَعَ ذَلِك قَالَ : ( اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ ) .
وَلَا من أخبرهُ أَنه ينتصر على عدوه لَا يمْنَع أَن يَأْخُذ أَسبَابه ، وَلَا من
أخبرهُ أَنه يكون لَهُ ولد لَا يمْنَع أَن يتَزَوَّج أَو يتسرى ، وَكَذَا من أخبرهُ
بالمغفرة أَو الْجنَّة لَا يمْنَع أَن يَأْخُذ بِسَبَب ذَلِك مرِيدا للآخرة وساعيا
لَهَا سعيها .
وَمن ذَلِك الدُّعَاء الْمَذْكُور فِي آخر سُورَة الْبَقَرَة فقد ثَبت أَن الله
تَعَالَى قَالَ قد فعلت وَمَعَ ذَلِك فَمن الْمَشْرُوع لنا أَن نَدْعُوهُ .
وَمِنْه قَول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( سلوا الله لي الْوَسِيلَة ) ؛ فحصول
الْمَوْعُود لَا ينافى السَّبَب الْمَشْرُوع .
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لنَبيه سنة سِتّ من الْهِجْرَة : { ليغفر لَك الله مَا
تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} ، وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يسْتَغْفر ربه بَقِيَّة عمره ، وَأنزل عَلَيْهِ فِي آخر عمره سُورَة النَّصْر : {
فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا } ، وَكَانَ يتَأَوَّل
ذَلِك فِي رُكُوعه وَسُجُوده ، أى : يمتثل مَا أمره ربه ... " انتهى من "مختصر
الفتاوى المصرية" (322-324) ، وينظر : "الفوائد" ، لابن القيم رحمه الله (14-17) .
والله أعلم
وفقاً لما جاء في القرآن الكريم فإن كل إنسان سيحشر يوم القيامة ويُحاسب
على ما كان منه ، والنبي صلى الله عليه وسلم سيكون شافعاً للخلائق في ذلك
اليوم .
وأريد أن أعرف ما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم سيحاسب أيضاً في ذلك
اليوم أم إنه معفيٌّ من الحساب كما يقول البعض ؟ .
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا كان صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم أكثر
من سبعين مرة ؟
لقد قرأت فتاوى على موقعكم بهذا الخصوص ولكني لم أجد إجابة وافية تناسب
تساؤلاتي ، فأرجو الإجابة عن أسئلتي هذه تحديداً ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحساب يوم القيامة يشمل الخلق كلَّهم بمن فيهم الأنبياء
والمرسلين ، وقد استدلوا بالعمومات الواردة في القرآن ، كمثل قوله تعالى (
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين)
الأعراف/ 6 ، وقوله تعالى ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ) الحِجر/ 92 ، 93 ، وممن قال بهذا : الفخر الرازي في تفسيره ،
حيث قال – في تفسير الآية الأولى - :
"الذين أرسِل إليهم هم الأمة ، والمرسلون هم الرسل ، فبيَّن تعالى أنه يسأل هذين
الفريقين ، ونظير هذه الآية قوله ( فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الحِجر/ 92 ".
ثم قال :
"الآية تدل على أنه تعالى يحاسِب كل عباده لأنهم لا يخرجون عن أن يكونوا رسلاً أو
مرسَلاً إليهم ، ويبطل قول من يزعم أنه لا حساب على الأنبياء والكفار" .انتهى من"
تفسير الرازي " ( 14 / 20 ، 21 ) .
وقد ذهب جماهير العلماء إلى أن الأنبياء والمرسلين لا يُحاسبون يوم القيامة ، وأنهم
إذا كانوا لا يُسألون في قبورهم فهو يعني أنه لا حساب عليهم ، وأنهم أولى ممن يدخل
الجنة من غير حساب ، من المسلمين .
وأما ما ورد من عمومات فهي إما للكفار ، أو أنهم سيُسألون عن أقوامهم هل بلغوهم
رسالة الله تعالى أم لا ، وليس هذا سؤال توبيخ وتقريع ، بل هو لإقامة الحجة على من
خالفهم .
1. قال القرطبي – رحمه الله - :
"قوله تعالى ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ) دليل على أن الكفار
يحاسَبون ، وفي التنزيل ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) الغاشية/ 26 ، وفي
سورة القصص ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) القصص/ 78 يعني :
إذا استقروا في العذاب ، والآخرة مواطن : موطن يُسألون فيه للحساب ، وموطن لا
يُسألون فيه ، وسؤالهم تقرير وتوبيخ وإفضاح ، وسؤال الرسل سؤال استشهاد بهم وإفصاح
، أي : عن جواب القوم لهم ، وهو معنى قوله ( لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ
صِدْقِهِمْ ) الأحزاب/ 8 ".انتهى من" تفسير القرطبي " ( 7 / 164 ) .
2. وقال ابن كثير – رحمه الله - :
"وقوله ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ) الآية ، كقوله تعالى (
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) القصص/ 65 ،
وقوله ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا
عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ ) المائدة/ 109 ، فالرَّبُّ تبارك
وتعالى يوم القيامة يسأل الأمم عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ، ويسأل الرسل أيضا
عن إبلاغ رسالاته ، ولهذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية (
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ )
قال : يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين ، ويسأل المرسَلين عمَّا بلَّغوا"
.انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 3 / 388 ) .
ثانياً:
صحَّ في الأخبار أن رسول الله كان يستغفر الله كثيراً ، ومن ذلك :
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (
وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ
مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) . رواه البخاري ( 6307 ) .
وعَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قَالَ ( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِى وَإِنِّى
لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) . رواه مسلم ( 2702 ) .
ومن المعلوم المتفق عليه : أن الله تعالى قد غفر للنبي
صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنوبه وما تأخر ، قال تعالى ( لِيَغْفِرَ لَكَ
اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) الفتح/ 2 .
غير أن وعد ضمان الله لنبيه مغفرة ذنوبه جميعا ، ما تقدم منها وما تأخر، لا يمنع أن
يعمل النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات ما يكون في نفسه سببا لهذه المغفرة التي
قدرها الله له ، ووعده بها ، فإن الله تعالى إذا قدر الشي قدر له أسبابه الموصلة
إليه ، والاستغفار من أعظم أسباب المغفرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فصل
فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي قَالَ فِي
آخِره عَن الله تَعَالَى {قد غفر لعبدي فليعمل مَا شَاءَ}
هَذَا الحَدِيث لم يَجعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاما فِي كل دنب ، من
كل من أذْنب وَتَابَ وَعَاد ، وَإِنَّمَا ذكره حِكَايَة حَالٍ عَن عبد كَانَ مِنْهُ
ذَلِك ، فَأفَاد أَن العَبْد قد يعْمل من الْحَسَنَات الْعَظِيمَة مَا يُوجب غفران
مَا تَأَخّر من ذنُوبه ، وَإِن غفر لَهُ بِأَسْبَاب أخر .
وَهَذَا مثل حَدِيث حَاطِب بن أبي بلتعة رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ لعمر
: ( وَمَا يدْريك أَن الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد
غفرت لكم ) وَمَا جَاءَ من أَن غُلَام حَاطِب شكاه فَقَالَ : وَالله يَا رَسُول
الله ليدخلن حَاطِب النَّار !! فَقَالَ : ( كذبت ، إِنَّه قد شهد بَدْرًا
وَالْحُدَيْبِيَة ) ؛ فَفِي هَذِه الْأَحَادِيث بَيَان أَن الْمُؤمن قد يعْمل من
الْحَسَنَات مَا يغْفر لَهُ بهَا مَا تَأَخّر من ذَنبه ، وَإِن غفر بِأَسْبَاب
غَيرهَا ، وَيدل عَلى أَنه يَمُوت مُؤمنا ، وَيكون من أهل الْجنَّة ، وَإِذا وَقع
مِنْهُ ذَنْب يَتُوب الله عَلَيْهِ ، كَمَا تَابَ على بعض الْبَدْرِيِّينَ كقدامة
بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ لما شرب الْخمر متأولا واستتابه عمر وَأَصْحَابه
رَضِي الله عَنهُ وجلدوه ، وطهر بِالْحَدِّ وَالتَّوْبَة ، وَإِن كَانَ مِمَّن قيل
لَهُ : ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُم ) .
ومغفرة الله لعَبْدِهِ لاتنافى أَن تكون الْمَغْفِرَة بأسبابها، وَلَا تمنع أَن
تصدر مِنْهُ تَوْبَة ، إِذ مغْفرَة الله لعَبْدِهِ مقتضاها أَن لَا يعذبه بعد
الْمَوْت ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ ، فَإِذا
علم من العَبْد أَنه يَتُوب أَو يعْمل حَسَنَات ماحية غفر لَهُ فِي نفس الْأَمر ،
إِذْ لَا فرق بَين من يحكم لَهُ بالمغفرة أَو بِدُخُول الْجنَّة ؛ وَمَعْلُوم أَن
بشارته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ إِنَّمَا هِيَ لعلمه بِمَا يَمُوت عليه
المبشر ، وَلَا يمْنَع أَن يعْمل سَببهَا .
وَعلم الله بالأشياء وآثارها لَا ينافى مَا علقها عَلَيْهِ من الْأَسْبَاب ، كَمَا
أخبر أَن : ( مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار
) ، وَمَعَ ذَلِك قَالَ : ( اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ ) .
وَلَا من أخبرهُ أَنه ينتصر على عدوه لَا يمْنَع أَن يَأْخُذ أَسبَابه ، وَلَا من
أخبرهُ أَنه يكون لَهُ ولد لَا يمْنَع أَن يتَزَوَّج أَو يتسرى ، وَكَذَا من أخبرهُ
بالمغفرة أَو الْجنَّة لَا يمْنَع أَن يَأْخُذ بِسَبَب ذَلِك مرِيدا للآخرة وساعيا
لَهَا سعيها .
وَمن ذَلِك الدُّعَاء الْمَذْكُور فِي آخر سُورَة الْبَقَرَة فقد ثَبت أَن الله
تَعَالَى قَالَ قد فعلت وَمَعَ ذَلِك فَمن الْمَشْرُوع لنا أَن نَدْعُوهُ .
وَمِنْه قَول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : ( سلوا الله لي الْوَسِيلَة ) ؛ فحصول
الْمَوْعُود لَا ينافى السَّبَب الْمَشْرُوع .
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لنَبيه سنة سِتّ من الْهِجْرَة : { ليغفر لَك الله مَا
تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} ، وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يسْتَغْفر ربه بَقِيَّة عمره ، وَأنزل عَلَيْهِ فِي آخر عمره سُورَة النَّصْر : {
فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا } ، وَكَانَ يتَأَوَّل
ذَلِك فِي رُكُوعه وَسُجُوده ، أى : يمتثل مَا أمره ربه ... " انتهى من "مختصر
الفتاوى المصرية" (322-324) ، وينظر : "الفوائد" ، لابن القيم رحمه الله (14-17) .
والله أعلم
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
شكرا لك على الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
و ننتظر جديدك
في آمان الله
جزاك الله خيرا
و ننتظر جديدك
في آمان الله
Mr.AbDo- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1368
التقييم : 0
العمر : 24
احترام قوانين المنتدى :
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
كابتن هيـرو- عضو جديد
- عدد المساهمات : 154
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
يسسسلمو يآعسسل
يعطيك آلف عآفييه
ودي لڪ
يعطيك آلف عآفييه
ودي لڪ
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
شكرا جزيلا
على هذا الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
و ننتظر جديدك
على هذا الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
و ننتظر جديدك
maher- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 3362
التقييم : 2
العمر : 23
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
شكرا لكم على المرور .
انرتم متصفحي ~_~
انرتم متصفحي ~_~
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـًم العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـًم
بإنتظَآرَجَديِدكًـم بشغفَ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـًم العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـًم
بإنتظَآرَجَديِدكًـم بشغفَ
KoNtRoL- عضو جديد
-
عدد المساهمات : 62
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
شكرا لكم على المرور .
انرتم متصفحي ~_~
انرتم متصفحي ~_~
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
يّعَطٌيّك أِلَفُ عَافُيّهِ عَلَى الَإنتًقآء الَرٌائعَ
طًرَح رٌآئٍع كـ رٌوِعَة حًضّوِرٌكـ
لَك كلَ الَشّكرٌ وِالَتُقَدُيّرٌ
إِحًتَرٌامُيَ
طًرَح رٌآئٍع كـ رٌوِعَة حًضّوِرٌكـ
لَك كلَ الَشّكرٌ وِالَتُقَدُيّرٌ
إِحًتَرٌامُيَ
aLmOjREm|B.M.W- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 2761
التقييم : 0
العمر : 25
احترام قوانين المنتدى :
huss9898ien- عضو سوبر
- عدد المساهمات : 1758
التقييم : 0
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
شكرا لكم على المرور .
انرتم متصفحي ~_~
انرتم متصفحي ~_~
امير الاحزان- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1854
التقييم : 3
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة
إنـجاز أكثر رائــــــع
لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد
مـنتظرين ابداعتــــــك
دمتـ ودام تألقـك
تحياتــي
ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة
إنـجاز أكثر رائــــــع
لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد
مـنتظرين ابداعتــــــك
دمتـ ودام تألقـك
تحياتــي
yakoub dz- عضو فعال
-
عدد المساهمات : 820
التقييم : -1
العمر : 22
احترام قوانين المنتدى :
رد: هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
جزاك الله خير الجزاء..
ونفع بك,,على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك
لا عدمناك
ونفع بك,,على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك
لا عدمناك
مواضيع مماثلة
» هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
» هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
» حكم تمثيل الأنبياء والرسل
» استغفار الملائكة للمؤمنين
» استغفار الملائكة للمؤمنين
» هل الأنبياء والرسل يُحاسبون يوم القيامة ؟ وما الحكَم من استغفار النبي كثيراً ؟
» حكم تمثيل الأنبياء والرسل
» استغفار الملائكة للمؤمنين
» استغفار الملائكة للمؤمنين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى