العدل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العدل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
العدل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
العدل خُلُق كريم وصفة عظيمة جليلة محبَّبة إلى النفوس، تبعث الأمل لدى المظلومين؛ لذلك جاء أمر الله صريحًا في القرآن الكريم، فقال - تعالى-: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) (النحل: 90) كما أمر الإسلام بالعدل مع العدوِّ رغم شدَّة كراهيتنا لأفعاله، فقال - تعالى-: ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة: 8) فالعدل يُعيد الأمور إلى نصابها، وبه تؤدَّى الحقوق لأصحابها، وما وُجِد في قوم إلاَّ سعدوا، وما فُقِد عند آخرين إلاَّ شقُوا.
رسول الله يعلم أصحابه العدل لقد حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تعليم أصحابه قيمة العدل مبيِّنًا لهم عظيم أجره يوم القيامة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( إِنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا)) (1) هكذا غرس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صفة العدل في قلوب أصحابه، ثم كان المثل الأعلى في تنفيذ تلك الأوامر، فكان خُلُقُ العدل غريزة فُطر عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ حداثة سنِّه؛ فقد شهد حلف الفضول الذي عقده نفر من قريش لنصرة المظلوم في دار عبد الله بن جُدْعان، وذلك قبل بَعثته وكذلك لمَّا اختلفت قريش على رفع الحجر الأسود عند بناء الكعبة رضيتْ به حكمًا عادلاً؛ مع أن قبيلته قبيلة بني هاشم طرف في القضية، إلاَّ أنهم من فرط ثقتهم في عدله قبلوا به حكمًا.
حرصه على العدل وخوفه من الظلم.
لقد حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على العدل، وبعدما أرسله الله -صلى الله عليه وسلم- للعالمين أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العدل بين أصحابه، وجعله شِرعة ومنهاجًا في كل موقف وكل لحظة، ولعلَّ من أشهر مواقف النبي -صلى الله عليه وسلم- التي ظهر فيها عدله وقوَّته في الحقِّ، ما روته السيدة عائشة - رضي الله عنها - بقولها: " إن قريشًا أهمَّهم شأن المرأة المخزوميَّة التي سرقت فقالوا: ومن يكلِّم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومَنْ يجترئ عليه إلاَّ أسامة بن زيد حِبّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلَّمه أسامة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟!)). ثم قام فقال: (( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)) (2).
ونجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائم الخوف من وقوع أي ظلم أو إجحاف بالناس، فعن سويد بن قيس قال: جلبتُ أنا ومخرفة العبدي بزًّا أي ثوب- من هجر فجاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فساومنا سراويل وعندنا وزانٌ يزن بالأجر، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( يَا وَزَّانُ، زِنْ وَأَرْجِحْ)) (3).
ولقد التزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعدل والقسط منهجًا له طيلة حياته، وامتلأت كتب السيرة بمواقف نبويَّة يتعجَّب لها القارئ من قوَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تمسُّكه بالعدل والقضاء الحقِّ على نفسه وأهل بيته، وعلى المحيطين به، سواء كان هذا العدل في حدٍّ من حدود الله، أو في الأمور السلميَّة أو الحربيَّة، وغيرها من الأحوال العامَّة، وقد أراد أحد المنافقين أن ينتقص من عدل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فردَّ عليه -صلى الله عليه وسلم-: ((وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ)) (4) مستنكرًا بقوله.
عدل رسول الله مع غير المسلمين
وامتدَّ قضاؤه العادل -صلى الله عليه وسلم- إلى غير المسلمين فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)). وقال الأشعث بن قيس كان بيني وبين رجلٍ من اليهود أرضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قلتُ: لا. فقال لليهوديِّ: "احْلِفْ" قال: قلتُ: يا رسول الله، إِذًا يَحْلف ويذهب بمالي، فأنزل الله - تعالى -: ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ))(آل عمران: 77) إلى آخر الآية(5).
إنه لموقف نادر حقًّا! إنه اختصام بين رجلين أحدهما من صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والآخر يهودي، فيأتيان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليحكم بينهما، فلا يجد -صلى الله عليه وسلم- أمامه إلاَّ أن يطبِّق الشرع فيهما دون محاباة ولا تحيُّز، والشرع يُلزم المدَّعِي -وهو الأشعث بن قيس بالبيِّنَة أو الدليل، فإن فشل في الإتيان بالدليل فيكفي أن يحلف المدَّعَى عليه -وهو اليهودي- على أنه لم يفعل ما يتَّهمه به المدَّعِي، فيُصَدَّقُ في ذلك، وذلك مصداقًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ))(6).
فبِعَدْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- ضرب المثل والقدوة لكل من ولي أمر الناس؛ حتى تسير الحياة كما يريدها الله، فتهنأ فيها النفوسُ، وتستريح الأفئدة، وتسعد البشرية. وصل اللهم وسلم وبارك علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رد: العدل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بسم الله الرحمن الرحيم
كيفك اخي
ان شاء الله تمام
~
شكرا لك على الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
ْ تحياتي
كيفك اخي
ان شاء الله تمام
~
شكرا لك على الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا
ْ تحياتي
maher- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 3362
التقييم : 2
العمر : 23
احترام قوانين المنتدى :
رد: العدل في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
كل الشكر لكـِ ولهذا المرور الجميل
الله يعطيك العافيه يارب
خالص مودتى لكـِ
الله يعطيك العافيه يارب
خالص مودتى لكـِ
مواضيع مماثلة
» أتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
» شجاعة رسول الله ، شجاعة النبى صلى الله عليه وسلم ، مواقف شجاعة محمد صلى الله عليه وسلم
» أولاد أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلموا جميعاً.
» هل المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ملحدين أم مشركين ؟
» مواقف تبسم وضحك لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
» شجاعة رسول الله ، شجاعة النبى صلى الله عليه وسلم ، مواقف شجاعة محمد صلى الله عليه وسلم
» أولاد أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلموا جميعاً.
» هل المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ملحدين أم مشركين ؟
» مواقف تبسم وضحك لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى