س: يقول: فضيلة الشيخ ما معنى قول الله تعالى«حرم الظلم
على نفسه»وهل يمكن أن يقع منه ظلم وهو الذي خلق الخلق وهم ملكه فلو فعل
بهم ما شاء لم يكن ظالما....



المفتي / الشيخ:

الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك

الإجابة:

ج: هذا السؤال فيه نظر... هذا يختلف الناس في معنى الظلم من الله، من الناس
ومن يقول: إن الظلم هو التصرف في ملك الغير، وهذا ليس بصحيح على الإطلاق؛
فالله تعالى هو مالك الملك، فلا نقول إنه يجوز على الله كل ما هو ممكن،
هذا يقوله بعض.... الجميع يقولون: إن الظلم في حق الله هو المستحيل،
المستحيل لذاته كالجمع بين النقيضين يقولون: هذا هو الظلم كما يقول ابن
القيم في الشافية الكافية، يقول:

والظلم عندهم المحال لذاته *****أنـى يـنزه عنه ذي السلطان

لكن الظلم كما تقدم وضع الشيء في غير موضعه، فالله تعالى لكمال عدله حرم
الظلم على نفسه؛ فلا يضع العقاب على أوليائه الذين أمضوا أعمارهم في
عبادته، ولا يضع الثواب.. أو يجعل الثواب لأعدائه وأعداء رسله، ولا يعاقب
أحدا؛ لأن هذا خلاف الحكمة، ولا يعاقب أحدا بذنب غيره، ولا يعاقب أحدا بغير
ذنب، كل هذا مما حرمه الله عن نفسه.
﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[سورة الأنعام آية:164] من
الطوائف الغالطة الضالة من يقول: إن كل ما هو ممكن فهو يجوز نفس الذي ذكرت
عنهم، كل ما هو ممكن يجوز، يقول:.....، يجوز على الله أن يجعل الأنبياء
والصالحين، يجوز أن يعذبهم بالنار ويجعلهم ويخلدهم في النار هذا... ممكن؟
ولا ما هو ممكن من حيث القدرة؟
من حيث القدرة ممكن؟ نعم.
.... مادام ممكن فهو جائز على الله، يجوز له أن يفعله لكنه أخبر أنه لا يفعله، بس.
يجوز أن يجعل الكفرة والطغاة وفرعون وجنوده يثيبهم ويجعلهم في الجنة، هذا
ممكن من حيث القدرة. ويقولون: إن هذا جائز لكنه أخبر أنه ينعم هؤلاء ويثيب
هؤلاء، بس.
وأما أهل السنة والجماعة فيقولون: هذا لا يجوز عليه سبحانه؛ لأنه حكيم،
حكيم يضع الأشياء في مواضعها؛ فيضع عدله في موضعه، وفضله في موضعه.
فحكمة الله تأبى، تأبى ذلك كل الإباء.
فقوله: إني حرمت الظلم هذا لكمال عدله سبحانه وتعالى وفضله، وإن كان قادرا،
هذا يقتضي إنه قادر، قادر على أن يظلم، ولكنه لكمال عدله لا يظلم، بل حرم
الظلم على نفسه كما أو جب على نفسه، فهو يحرم على نفسه، ويكتب على نفسه،
كما كتب على نفسه الرحمة، وجعل يعني حق، حقا على نفسه للموحدين، حق الله
على العباد وحق العباد على الله.