الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و أصحابه و إتبع هداه
الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
هذا الأصل تضافرت الأدلة عليه من الكتاب والسنة، وعليه عمل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين،و قد أقام ابن القيم على هذا الأصل أكثر من أربعين دليلا ذكرها في كتاب مفرد [ أحكام أهل الذمة ( ١/٢٢)].
-الأدلة من القرآن:
١- قال الله تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) قال القرطبي: (الجامع 8/336) : { حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول؛ فإن الحق فيها في طرف واحد } .
وقد يقول قائل: إن ظاهر الآية يدل على أن ما بعد الله هو الضلال؛ لأن أولها (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال) فلماذا التوسع في الاستدلال؟
فالجواب: إن سلفنا الصالح قد استدلوا بعموم هذه الآية على كل باطل فاستدل بها مالك على تحريم الشطرنج كما في رواية أشهب، ووجه ذلك: أن الكفر تغطية للحق، وكل ما كان من غير الحق يجري هذا المجرى.
٢- قال تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات) ،وقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).
قال ابن القيم رحمه الله (مختصر الصواعق 2/566) : { الآيات الناهية عن الاختلاف في الدين المتضمنة لذمه، كلها شهادة صريحة بأن الحق عند الله واحد، وما عداه فخطأ، ولو كانت تلك الأقوال كلها صوابا، لم ينه الله ورسوله عن الخلاف ولا ذمه}. اهـ
٣- قال تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) ،قال ابن القيم (المصدر السابق) : { فقد أخبر سبحانه أن الاختلاف ليس من عنده، وما لم يكن من عنده فليس بالصواب }.اهـ
٤- قال تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين، ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المجموع 33/41) : { فهذان نبيان كريمان، حكما في حكومة واحدة، فخص الله أحدهما بفهمها، مع ثنائه على كل منهما بأنه آتاه حكما وعلما، فكذلك العلماء المجتهدون رضي الله عنهم: للمصيب منهم أجران، وللمخطئ فيهم أجر واحد، وكل منهم مطيع لله بحسب استطاعته، ولا يكلفه الله ما عجز عن علمه، ومع هذا فلا يلزم الرسول -صلى الله عليه وسلم- قول غيره، ولا يلزم ما جاء به من الشريعة شيء من الأقوال المحدثة، لا سيما إذا كانت شنيعة} . اهـ
وهنا تنبيه مهم لا بد من الالتفات إليه، وهو أنه لا يجوز الاستدلال بهذه الآية على عدم لوم ولا ذم من لم يصب الحق مطلقا ، وذلك لأن المسألة التي حكما فيها ليست من مسائل الوحي، وإنما هي من مسائل الاجتهاد، فلم يستوجب الذم على الخطأ.
قال العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي: (أضواء البيان 4 /650) : { وفي الآية قرينتان على أن حكمهما كان باجتهاد لا بوحي، وأن سليمان أصاب ، فاستحق الثناء باجتهاده وإصابته، وأن داود لم يصب ، فاستحق الثناء باجتهاده، ولم يستوجب لوما ولا ذما بعدم إصابته، كما أثنى على سليمان بالإصابة في قوله: (ففهمناها سليمان)، أثنى عليهما في قوله: (وكلا آتينا حكما وعلما) فدل قوله: (إذ يحكمان) على أنهما حكما فيها معا، كل منهما بحكم مخالف لحكم الآخر، ولو كان وحيا لما ساغ الخلاف، ثم قال: (ففهمناها سليمان). فدل ذلك على أنه لم يفهمها داود، ولو كان حكمه فيها بوحي، لكان مفهما إياها كما ترى.
فقوله: (إذ يحكمان) مع قوله: (ففهمناها سليمان) قرينة على أن الحكم لم يكن بوحي بل باجتهاد، وأصاب فيه سليمان دون داود، بتفهيم الله إياه ذلك }. اهـ
الأدلة من السنة:
١- عن أبي سعيد رضي الله عنه: { أن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سعد، فأتى على حمار فلما دنا من المسجد، قال للأنصار: (قوموا إلى سيدكم)، فقال:( هؤلاء نزلوا على حكمك)، فقال سعد: تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى الملك» .
فانظر كيف أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على سعد بقوله: < لقد حكمت فيهم بحكم الله >...؟ فدل هذا على أن سعدا وافق حكم الله في نفس الأمر، وأنه لو حكم بغير هذا الحكم ما وافق حكم الله.
٢- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا حكم الحاكم، فاجتهد، فأصاب؛ فله أجران، وإذا حكم، فأخطأ؛ فله أجر واحد» .
وهذا الحديث صريح في أن الحق في جهة واحدة، للتصريح بتخطئة القول المخالف.
٣- وفي حديث سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم، أم لا؟» .
وهذا من أوضح الأدلة على أن حكم الله في نفس الأمر واحد، قد يصيبه العبد أو يخطئه، و وجه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا في ذلك الوقت، هو أن الأحكام الشرعية لا تزال تنزل، وينسخ بعضه بعضا .
٤- وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، وجعل الفرقة الناجية واحدة.
قال الشاطبي: (الاعتصام 2/249) :{ إن قوله عليه الصلاة والسلام: «إلا واحدة»، قد أعطى بنصه أن الحق واحد لا يختلف، إذ لو كان للحق فرق أيضا، لم يقل: «إلا واحدة» }. اهـ
٥ - وفي قصة المرأتين، معهما ابناهما، لما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت صاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا إلى سليمان بن داود، فأخبرتاه، فقال: آتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى. (رواه البخاري3427)
قال الحافظ ابن حجر في فوائد هذا الحديث: (الفتح 6/465) : { وفيه أن الحق في جهة واحدة }. اهـ
عمل الصحابة :
١ - قال ابن مسعود رضي الله عنه لما طلب منه موافقة أبي موسى الأشعري في مسألة بنت و بنت ابن و أخت، فأعطى البنت النصف ، و الأخت النصف -: ( لقد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه و سلم :للابنة النصف ، و لابنة الابن السدس، تكملة الثلثين ، و ما بقي فللأخت . فأخبر أبو موسى ، فقال : ( لاسألوني ما دام هذا الحبر فيكم )).
فانظر إالى ابن مسعود رضي الله عنه كيف جعل القول الآخر الذي جعله المصوبة صوابا ، عند الله ضلالا؟!
2 – و قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لوددت أني و هؤلاء الذين يخالفونني في الفريضة نجتمع، فنضع أيدينا على الركن، ثم نبتهل، فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) .
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما يريد أن يباهل مخالفه، و المباهلة فيها أيمان مغلظة، بحضور الزوج، و الذرية، و مقترنة بلعنة الله .
و من أجل هذا كله و غيره، قال الإمام مالك : ( ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا؟! و ما الحق و الصواب إلا واحد ) .
قال مطرف بن الشخير : ( لو كانت هذه الأهواء كلها هوى واحدا لقال القائل الحق فيه ،فلما تشعبت و اختلفت عرف كل ذي عقل أن الحق لا يتفرق ) .
و قال ابن السيد البطليوسي : ( ان اختلاف الناس في الحق لا يوجب اختلاف الحق في نفسه ).
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا : ( و لهذا تجد المسائل التي تنازعت فيها الأمة على أقوال، و إنما القول الذي بعث الرسول صلى الله عليه و سلم واحد منها ) .
miss ran- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1487
التقييم : 0
العمر : 27
احترام قوانين المنتدى :
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
نورت الموضوع، مع خالص احترامي ^^
miss ran- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1487
التقييم : 0
العمر : 27
احترام قوانين المنتدى :
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
جزاك الله كل خير
AsEm JoO- عضو فعال
-
عدد المساهمات : 563
التقييم : 0
العمر : 24
احترام قوانين المنتدى :
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
أنرتم الموضوع بردكم
مشكورين ^^
مشكورين ^^
miss ran- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1487
التقييم : 0
العمر : 27
احترام قوانين المنتدى :
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
بارك الله فيكى
وجعل ما تقدميه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بكى والمسلمين في جنات النعيم
وجعل ما تقدميه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بكى والمسلمين في جنات النعيم
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
جزاك الله خيرا
في انتظار المزيد من العطاء
تقبلي مروري
في انتظار المزيد من العطاء
تقبلي مروري
nadija- عضو سوبر
- عدد المساهمات : 2579
التقييم : 6
احترام قوانين المنتدى :
رد: الحق عند الله واحد وما عداه فخطأ
أنرتم الموضوع بردكم
مشكورين ^^
مشكورين ^^
miss ran- عضو سوبر
-
عدد المساهمات : 1487
التقييم : 0
العمر : 27
احترام قوانين المنتدى :
مواضيع مماثلة
» أولاد أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلموا جميعاً.
» طريق الحق واحد و الباطل الف طريق
» محمد رسول الله رجل الحق
» كذلك يضرب الله الحق والباطل
» كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد ورسولها واحد وقبلتها ...
» طريق الحق واحد و الباطل الف طريق
» محمد رسول الله رجل الحق
» كذلك يضرب الله الحق والباطل
» كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد ورسولها واحد وقبلتها ...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى