هل يجوز الإقْدِامَ على الذنب بحجة أنها أول مرة؟

هل يجوز الإقْدِامَ على الذنب بحجة أنها أول مرة؟

السؤال: هل المرء إذا فعل ذنبا معينا لأول مرة في حياته من الممكن أن يموت وهو يفعله؟ أو يموت أصلا قبل أن يفعله؟ فقد سمعت أحد الشيوخ يحكي عن قصة اثنين ماتا على معصية، ثم علق قائلا: يقينا لم يكن ذلك أول مرة، لأن الله لا يفضح عبده من أول مرة ـ وحكى أيضا عن رجل سرق في عهد عمر بن الخطاب فأراد أن يقيم عليه الحد، فقال الرجل إنه لم يسرق من قبل، فقال عمر: إن الله لا يفضح العبد من أول مرة، فهل هذا يعني أن من أقدم على ذنب ما، لم يفعله قط قبل ذلك مع نية التوبة منه بعد أن يفعله جائز، لأنه لن يموت....؟.

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن الممكن أن يموت العبد أثناء فعل الذنب ولو كان فعله أول مرة، وربما مات قبل أن يفعله مرة ثانية، وكل هذا ممكن ولا يجوز أن يُقْدِمَ العبد على ذنب بحجة أنه يفعله لأول مرة، والله تعالى لا تجوز معصيته أبدا أول مرة ولا غيرها، ولا شك أن الله تعالى ستير يحب الستر، ولكن اختلف الفقهاء هل يمكن أن يُفضح العبدُ عند ارتكابه الذنب أول مرة أم لا يُفْضَحُ ـ إذا فضح ـ إلا عند التكرار، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية:

هَلْ يَفْضَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَاصِيًا بِأَوَّلِ مَرَّةٍ أَمْ بَعْدَ التَّكْرَارِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَالثَّانِي مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ الْأَوَّلَ، وَاعْتَرَضَ عَلَى مَنْ قَالَ بِالثَّانِي: تُرَى آدَم هَلْ كَانَ عَصَى قَبْلَ أَكْلِ الشَّجَرَةِ بِمَاذَا؟ فَسَكَتَ. اهـ.

وأثر عمر هذا أورده ابن كثير في مسند الفاروق بإسناد ابن خزيمة من طريق حميد عن أنس: أن عمر رضي الله عنه أُتِيَ بشباب قد حلَّ عليه القطع، فأمر بقطعه، فجعل يقول: يا ويله، ما سرقت قط قبلها! فقال عمر: كذبت ورب عمر، ما أسلم الله عبدا عند أول ذنب ـ ثم قال ابن كثير: إسناده صحيح.

اهـ. وقال ابن حجر في إتحاف المهرة: موقوف حكمه الرفع، كتبته لصحة سنده، وروي معناه عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، وهو منقطع. اهـ.

وقال في التلخيص الحبير: إسناده قوي. اهـ.

وكلام عمر ـ رضي الله عنه ـ في الفضيحة، لا في كون الذنب يحاسب عليه الإنسان، أو يموت أثناء فعله. والله أعلم.

منقول